سبب نزول قوله تعالى :
(( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ )) ..
آية (44) سورة البقرة .
أخرج الواحدي والثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :
نزلت هذه الآية في يهود أهل المدينة ، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته
ولمن بينه وبينهم رضاع من المسلمين : اثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك
به هذا الرجل فإن أمره حق .
وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه .
(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
والسؤال هنا (هل كان نسيانهم لهذا البر تعمداً لأمر ما ، ما هو ؟
أم أنه تحليل لجبلتهم)؟
ج/ يعتقد أن نسيانهم لهذا البر كان تعمداً فكما نعلم بني إسرائيل دائماً يجحدون بما
أنزله الله تعالى عليهم ..
ففي تفسير ابن كثير قرأت الآتي :
قال السادي وقال ابن جريج " أتأمرون الناس بالبر " أهل الكتاب والمنافقون كانوا
يأمرون الناس بالصوم والصلاة ويدعون العمل بما يأمرون به الناس فعيرهم الله
بذلك فمن أمر بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة وقال محمد بن اسحاق عن محمد
عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس : " وتنسون أنفسكم " أي تتركون
أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ؛ أي تنهون الناس عن الكفر بما عنكم من
النبوة والعهد من التوراة وتتركون أنفسكم أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم
في تصديق رسولي وتنقضون ميثاقي وتجحدون ما تعلمون من كتابي .
والجحود بأمر الله كما نعلم صفة تلازمهم
وذلك يتضح أيضاً في تفسير الطبري حيث جاء في تفسيره لـ " أفلا تعقلون " :
" أفلا تعقلون " أفلا تفهمون ، فنهاهم عن هذا الخلق القبيح وهذا يدل على صحة ما
قلنا من أمر أحبار يهود بني إسرائيل غيرهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم وأنهم
كانوا يقولون هو مبعوث إلى غيرنا ..
ولا يستبعد أن يكون نسيانهم لهذا البر تحليلاً لجبلتهم فكلنا نعلم صفات بني إسرائيل فهم قتلة
الأنبياء والرسل وناقضوا العهود وكم من مرة استهانوا بما أمرهم الله به ومعظم آيات القرآن
الكريم تبين مدى جحودهم ..